على علوان رجل نشيط يحب العمل , مخلص يتفانى في أداء ما عليه من واجبات , دقيق وشديد الانضباط , لا يحتمل رؤية أى شئ في غير وضعه السليم , يطالب من حوله أن يكونوا مثله , ولكن
ما يخيب أمله أنهم دائما لا يؤدون أعمالهم كما يجب أن تؤدى , أو كما كان من الممكن أن يؤديها هو
لقد أفقده ذلك الثقة فيهم , ودفعة إلى يريح نفسه ويقوم هو بأداء ما يريده بالصورة التي يريدها حتى
يحصل على أفضل نتيجة .
ولقد أراحه ذلك كثيرا وأشعره بالسعادة خاصة أنه لا يكاد يضيع دقيقة إلا في أداء عمل من هذه الأعمال
سواء كانت صغيرة أم كبيرة , وإذا لم يكف الوقت الفعلي للعمل ,جلس وقتا إضافيا , والا فسوف يحمل
معه أكواما كثيرة من الأوراق لينهيها فى منزله ساهرا الساعات الطوال , رغم تذمر أبنائه وزوجته
وشكواهم المستمرة من أنهم لايكادون يجدون دقيقة للجلوس أو التحدث معه , ناهيك عن الخروج في
نزهة مع الأسرة والذي يعتبر ضربا من الخيال .............
وتمضى الأيام وتتحول سعادة على علوان التي استشعرها في أول الأمر إلى ضيق حيث أصبح أكثر
حدة وتبرما لأتفه سبب , ثورته في العمل والمنزل لا تنقطع الأسبرين أصبح شيئا أساسيا لا يخلوا منه
مكتبا ولا جيبه فالصداع يلازمه كظله تحسبه في الستين وهو لا يزال ابن الأربعين عاما , زادت شكواه
من معانيه , فهم على حد قوله كسالى متواكلين متبلدين , لا يصلحون أي شأ , يلقون بكل الأعباء عليه , ولا يتم عمل بدونه .
والعجيب أن السادة معاوني أو مرؤوسي على علوان كثيرا ما اشتكوا من أنهم مهملين , لا ينظر إليهم
باهتمام , ولا يقدرهم ولا يثق فيهم , وأنهم ملوا رغم أنهم فرحوا به أول الأمر وأصبحوا يضيفون بجو العمل .