إدارة الذات (3)

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله الذى
علمنا بناء المجد حتى .......... أخذنا إمرة الأرض اغتصابا
وما نيل المطالب بالتمنى ............ ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
إستكمال لما قبل.
فى اللقاء الاول كانت التهيئة لبرنامج إدارة الذات وها نحن اليوم نبدأ بعون الله وتوفيقه الجزء الاول من إدارة الذات وقبل أن نغوص فى أعماق الموضع كنت قد أخبرتكم أن هناك خاطره لابن الجوزى إستوقفتنى بل بكيت عندما طالعتها وقدر لى الله أن أفهم بعض معانيها وأرجوا فى البداية أن نقرأ الخاطره بتأنى وهى تحت عنوان طبائع الدهماء
يقول ابن الجوزى:
أكثر الخلائق على طبع رديء لا تقومه الرياضة. لا يدرون لماذا خلقوا ولا ما المراد منهم. وغاية همتهم حصول بغيتهم من أغراضهم. ولا يسألون عند نيلها ما اجتلبت لهم من ذم.
يبذلون العرض دون الغرض، ويؤثرون لذة ساعة، وإن اجتلبت زمان مرض.
يلبسون عند التجارات ثياب محتال، في شعار مختال ويغشون في المعاملات ويسترون الحال.
إن كسبوا فشبهة. وإن أكلوا فشهوة. ينامون الليل وإن كانوا نياماً بالنهار.
فإذا أصبحوا سعوا في تحصيل شهواتهم بحرص خنزير، وتبصبص كلب، وافتراس أسد، وغارة ذئب، وروغان ثعلب.
ويتأسفون عند الموت على فقد الهوى لا على عدم التقوى.
" ذلك مبلغهم من العلم " .
تالله لو فتحوا أسماعهم لسمعوا هاتف الرحيل في زمان الإقامة يصيح في عرصات الدنيا: تلمحوا تقويض خيام الأوائل.
لكن غمرهم سكر الجهالة، فلم يفيقوا إلا فى اللحد (القبر).

عبرة فى قصة
إنطلق إلى جنته

فى بلد من البلاد البعيدة والموجوده فى جزيره من جزر المحيط العظيم كان لها نظام خاص فى الحكم.
كان مبدأ الحكم يقوم فيها على أساس من يرغب أن يحكم فليتقدم ولكن بشرطين:
الأول: أن مدة الحكم سنتان يستحيل تكرارها
الثانى: أن بعد سنتين سيتم إرسال الحاكم بعد عزله الى جزيره آخرى فى بحر الظلمات – وهى جزيرة غير مأهولة لا يعيش فيها الا الوحوش الشرسه والحيوانات المفترسه
والعجيب أن القائمة كان فيها الكثيرون من راغبى الموت حكاما – إنها شهوة الكرسى – يعيش الحاكم السنتين – يحاول أن يلهو ويستمتع بقدر الامكان وهو يعرف مصيره حيث الفناء فى جزيرة الضياع والنتيجه أن الحكام لم يفكروا يوما فى أهل الجزيرة فعاشوا فى ضنك مستمر – وتقدم يوما شاب يتسم بالنبوغ والصلاح ليأخذ دوره فى الحكم سألوه هل تعرف الشروط؟
قال نعم شرطان؟
عقدوا له حفل تتويج وألبسوه تاج الملك وبدأ عهده فى حكم جزيرة المظاليم – والعجيب أن الفتى كان سعيدا فى حكمه عكس من كانوا قبله – كان قليل اللهو والعبث عكس من كانوا قبله من الحكام – كان مصلحا لجزيرته – عادلا فى حكمه – يبنى بلاده ويزرع الخير فيها – عكس من كانوا قبله – وأحبه الشعب – وفى غمرة حبه له وجدوا السنتين قد مرتا – وجاء مجلس الحكماء يطالبونه فى أسف شديد بتطبيق الشرطين – أبتسم الشاب لهم ونزل عن كرسى ملكه وسلم التاج وقال لهم وهى يطير من الفرح : أنا مستعد للذهاب الى الجزيرة – كان الشعب كله يحيط بالقصر فى حزن عميق على هذا لملك الذى لم يروا مثله وحاول الجميع أن يغيروا الشروط ولكنها قوانين الجزر التى لا تتغير وقبل أن ينطلق الفتى الى الجزيرة أوقفه أحد الحكماء وقال له : أمرك عجيب أيه الفتى – رأينا منك فى حكمك كل العجب واليوم لم نرى أعجب من حالك الا تدرى الى أين أنت ستذهب؟
قال الفتى: نعم أدرى
إذن كيف تفرح والفناء مصيرك؟
أبتسم الفتى الشاب وقال لهم : بالعكس لقد وضعت جزيرة الموت أمامى من أول يوم – جعلتها شغلى الشاغل فأرسلت إليها مجموعات من الشعب الذى أحبنى فأعد أرضها وخلص غاباتها من وحوشها وحيواناتها – حيث حبسها فى مكان خاص بها - وبنى لى قصورا هناك – أرسلت اليها أهلى اللذين أحبهم وأنى الان ذاهب لأعيش معهم فى جنتى التى زرعتها بيدى – وانطلق الى جنته.

ممكن أن تكون القصة قصة الدنيا والآخره – ممكن أن تكون قصة الحياه التى نحياها وما نحصله فيها – على كل حال فالناس فى هذا المقام خمس أصناف

الصنف الأول يعرف ماذا يريد؟ ولماذا يريد؟ وكيف يحقق ما يريد؟ ومتى يحقق ما يريد؟ وأين يحقق ما يريد؟ ويعرف ماذا يفعل لو قابلته مشكلة ما أثناء تحقيقه ما يريد؟
إذن هم صناع المجد – صناع المستقبل – صناع الحياه يعرفوا شعار النجاح (ماذا – لماذا – كيف – متى – اين – ماذا .... لو)
ولذا فحال فعلهم لا قولهم يقول للآخرين
سهـري لتنقيـح العلوم الذ لي من وصل غانية وطيب عنــاق
وصرير اقلامي على صفحاتها أحلى مـن الدّّوْكـاء والعشــاق
وألذ من نقر الفتـاة لدفهــا نقري لألقي الـرمل عـن أوراقي
وتمايلي طربـا لحل عويصـة في الدرس أشهى من مدامة ساق
وأبيت سهـران الدجى وتبيته نومـا وتبغي بعـد ذاك لحــاقي

الصنف الثانى يشاهد ما يفعله الصنف الأول (المشاهدون)

الصنف الثالث يتعجب بما يفعله ويحققه الصنف الأول (المندهشون)

الصنف الرابع يتأوه ويتألم ويدعى أنه غير قادر على تحقيق أو العمل مثل الصنف الأول (المتألمون)

الصنف الخامس يحاول أن يعطل مسيرة الصنف الاول ويحطمهم بشتى الوسائل بالمكر – بالخداع – بالمؤامرة – بأتهامهم بما ليس فيهم – ب ....... (المنتقمون) – وخير مثال على ذلك حطيئة الشاعر الذى ما ترك أحد إلا هجاه سواء من الصحابة أو التابعين وذلك فى عصر عمر بن الخطاب رضى الله عنه – ولقد هجا أمه فقال

تنحـي فاقعدي عني بعيـداً ** أراح الله منـك العـالميـن
أغربالاً إذا إستودعت سراً ** وكانوناً على المتحدثينا
جزاك الله شراً من عجوز ** ولقاك العقوق من البنينا

وكذلك هجا أبيه ولما لم يجد أحد إنتقم من نفسه وهجاها فقال

أبت شفتاي اليوم أن تتكلما ** إلا بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى وجهـاً شـوه الله خلقـه ** فقـبـح مـن وجـــه وقبـح حامله

واختار لنفسك مع من تريد أن تكون؟ – إن كنت ممن إختار الصنف الأول فأهلا بك فى رحلتنا وعلى بركة الله نكمل الدوره سويا أما وإن كنت قد اخترت أى صنف من الاصناف الآخرى فأصارحك من الآن لن تجد عندنا ضالتك فابحث عنها فى مكان آخر غير منتدى الحسن.
..

إن أهم ما يميز الصنف الأول أنهم عرفوا ما هى رسالتهم فى الحياه – فمع هذا المفهوم نعيش اللقاء القادم

يا رب يزيدك من علمه خبرة ومعرفة واتقان يا ايو معاذ

نفع الله بك المنتدي

أخى الحسن أرجو التنويه أن برنامج إدارة الذات سوف يتم إضافة مادته الجديده كل يوم أحد والخميس من كل اسبوع - دمتم بخير وشكرا على مرورك

» إدارة الذات (4)
» إدارة الذات (5)
» إدارة الذات (6)
» إدارة الذات (1)
» إدارة الذات (2)