يسرنا ويسعدنا إدارة منتدى ( الحسن للتنمية البشرية ) أن نرحب بالاعضاء المنتسبين للمنتدى ونتمنى لهم إقامة طيبة بيننا ونرجوا من جميع الاعضاء التفاعل والمشاركة لنرتقي بالمنتدى الى اعلى المستويات باذن الله .. كما يسرنا ان نرحب بكل الزوار الكرام ونتمنى ان يحوز منتدانا على اعجابهم .. مع تحيات : أخوكم الحسن
عدد المساهمات : 683 نقاط : 1339 الدولة : تاريخ التسجيل : 06/04/2009
موضوع: التفكير الابداعي 2 الأحد نوفمبر 21, 2010 9:14 pm
يتعذر التفكير التجريدي (الذي هو في المعنويات لا في المحسوسات) في حالة انعدام اللغة ويتسطح بضعفها؛ ذلك أنها السبيل الأوحد لتحويل التفكير الحسي (في المحسوسات) إلى تفكير تجريدي نافع. ويستلزم التفكير العميق ثراءً لغوياً وعمقاً في فهم دلالات وإيحاءات الكلمات المكونة للبناء اللغوي ، وفي هذا المعنى يقول د. محمد الشنيطي: »وليس من شك في أننا حين نفكر لا سبيل لنا إلى التفكير إلا في لغة ، ولا حيلة لنا إلى ضبط هذا التفكير إلا إذا كان القالب اللغوي واضح المعالم لا يفضي إلى غموض ولا يدعو إلى لبس ، ولا ينم عن قلق واضطراب ينعكس بالتالي على تفكيرنا«(3). ولتأكيد هذه الأهمية المتناهية للثراء اللغوي ، أشير إلى أن التفكير في أي مشكلة إنما يعتمد على مجموعة محددة من الكلمات والمصطلحات ، وبدهي أن من كان فهمه أعمق لهذه الكلمات والمصطلحات فإن تفكيره سيكون أعمق وأنضج ، فهب أن مشكلة ما تعتمد على الكلمات التالية: أناس ـ حق ـ واجب ـ استطاعة ـ كذب ـ صدق ـ حرية ـ دقة ـ ضوابط ـ حوافز ـ نجاح ـ تحقق ذات ـ استشعار المسؤولية ـ اجتهاد ـ صواب ـ خطأ ـ استئناف العمل ـ ثقافة ـ أزمة ـ إدارة. ومن هنا فإن كل من يتفهم هذه الكلمات والمصطلحات ، بجانب سيرورة تفكيره وفق المنهج العلمي سيكون أحظى بالصواب وأظفر بالنجاح ـ بعد توفيق الله تعالى له ـ من كل من تتمنع عليه هذه الكلمات ، وتتشوه في عينيه هذه المصطلحات! [يمكنك لاحقاً مراجعة معنى ما يلي: الصدق ، تحقق الذات ، الاستئناف]. ولقد أثبتت بعض الدراسات قوة العلاقة بين اللغة والتفكير؛ حيث اكتشفت دراسة متخصصة أن لغة قبيلة هوبي الهندية لا تحتوي على صيغة الماضي والمستقبل ، وإنما تحتوي فقط على صيغة الحاضر ، ولذا فإن أفراد هذه القبيلة يتكلمون كل شيء وكأنه يحدث الآن ، مما أثّر على تفكيرهم!!(4). التفكير السليم وعاؤه ذاكرة جيدة: سبق أن أسلفت أن التفكير عملية ذهنية ينظم بها العقل الخبرات والمعلومات من أجل اتخاذ قرار معين ، ومن هذا التعريف نخلص إلى أهمية الذاكرة لهذه العملية ، ذلك أنها المخزن الذي يحوي تلك الخبرات والمعلومات التي يستخدمها العقل الإنساني في التفكير ، ومن هنا تبرز أهمية التعرض لآلية الذاكرة ، وكيفية تفعيلها بقدر معقول من التفصيل بحيث يسهم في تعميق التفكير وتسهيل مهامه وتسريع عمله. تنقسم الذاكرة إلى(5): 1- مخزن المعلومات الحسي: ولا تستطيع الذاكرة الاحتفاظ بالمعلومات في هذا المخزن بما يتجاوز ثواني؛ فعند سيرك في شارع عام في سيارتك تلحظ لافتات المحلات عن اليمين والشمال ، وتجد أن تلك المعلومات لا تلبث أن تزول. 2- الذاكرة قصيرة المدى: وهي التي تحتفظ لمدة ساعات بالمعلومات التي يشعر الإنسان بأهمية تخزينها وبضرورة اصطحابها على الدوام؛ فأنت عندما تسأل عن رقم هاتف لا تحتاج الاتصال به إلا مرة واحدة تجد أنك تردده في نفسك بضع مرات لكي تتمكن من تخزينه في ذاكرتك القصيرة حتى تنهي الاتصال ، ثم لا يلبث هذا الرقم في تلك الذاكرة إلا لمدة تتناسب مع تقديرك لأهميته في المستقبل القريب. 3- الذاكرة طويلة المدى: وهي التي تحفظ لمدة طويلة المعلومات التي يبذل الانسان في سبيل تخزينها جهداً كبيراً ويمضي وقتاً طويلاً ، ويعتقد بعض علماء النفس أن تلك المعلومات يستديم وجودها في تلك الذاكرة؛ بمعنى أنها لا تزول بمرور الوقت ، والحقيقة أنه قد تزول وتتشوه بعض أجزائها ، إلا أن الجزء الأكبر يبقى على سبيل الدوام. ويجب التنبيه إلى أن عدم استرجاع معلومة من تلك المعلومات في لحظة معينة لا يعني عدم وجودها ، وإنما يعني فقط عدم مناسبة طريقة الاسترجاع ، ولوجود اضطرابات نفسية معينة. وتمر آلية التذكر بالمراحل التالية: 1- استقبال المعلومة المراد تخزينها في أيٍ من أقسام الذاكرة وفق ما سبق تفصيله ، ويجب أن تتعود على التركيز عند استقبالك للمعلومات. 2- ترميز تلك المعلومة وذلك بإعطائها رمزاً معيناً تستدعى من خلاله عند الحاجة إليها ، وتعتبر هذه المرحلة الأخطر والأهم؛ فكلما كان ترميزك للمعلومة أدق وأوضح كلما استطعت أن تخزّن المعلومة لمدة أطول وتسترجعها بطريقة أسرع. هل تتذكر من قتل الآخر... قابيل أم هابيل؟ قد تتذكر بسرعة وقد لا تتذكر بسرعة ، بل قد لا تتذكر مطلقاً؟! لكن أرأيت لو أنك تعوّدت على ترميز معلوماتك بصورة دقيقة ، كأن تقول في نفسك عند سماعك أو قراءتك لهذه المعلومة لأول مرة ومعرفتك بأن قابيل هو القاتل: قابيل هو القاتل.. قـ قـ (البدء بحرف القاف) ، هل تعتقد انك ستنسى تلك المعلومة؟! وخذ مثالاً آخر.. عند استماعك للرقم الجديد لهاتف صديقك حاول ترميزه بشكل منطقي ، فبافتراض أن الرقم هو 1545/240.. سيبدو لك ذلك الرقم صعباً في البداية! لكن ماذا لو قلت 240... قبل وفاة الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ بسنة واحدة ، 1545... بينه وبين نهاية الحرب العالمية الثانية 400 سنة!! وكذلك بالنسبة للتواريخ ، فإنك تستطيع أن تثبت تواريخ معينة في كل قرن أو قرنين لتصبح كالأوتاد الذهنية التي تشد بها غيرها. ومن طرق الترميز الجيدة استخدام الصور الذهنية ، فمثلاً: هب أنك تريد شراء قلم ودفتر من المكتبة ، وخبز وقشطة ولعبة لطفلك الصغير من الدكان ، فإنه يمكنك حينئذ أن تتخيل نفسك أنه بعد تناولك للإفطار قمت بكتابة موضوع عن لعب الأطفال!! 3- تخزين المعلومات في خلايا الذاكرة التي يبلغ تعدادها ما يقارب 10 مليارات خلية ، كل خلية تستوعب 100 ألف معلومة!! كما دلت الدراسات المعاصرة ـ المتخصصة على أن الإنسان ـ في المتوسط ـ يخزّن 15 تريليون معلومة.. فما أعظم الخالق ـ عز وجل ـ وما أجهلنا بقدراتنا!! 4- استدعاء المعلومة المطلوبة من خلال رمزها. وثمة نوعان للذاكرة هما: 1- الذاكرة الدورية: وهي التي تعتمد على الترداد والتكرار وهي مفيدة في حفظ النصوص المختلفة. 2- الذاكرة المنطقية: وهي التي تعتمد على الترتيب والربط المنطقيين ، كما في الأمثلة السابقة ، ويجب أن تفعّل دور هذه الذاكرة بقدر استطاعتك. وأخيراً لماذا ننسى؟ ثمة أسباب أربعة بل خمسة تؤدي إلى النسيان هي: 1- ضعف انطباع المعلومة (الصورة الذهنية) في الذاكرة لضعف التركيز! 2- عدم تثبيت المعلومة بعد تخزينها إلا بعد وقت طويل. 3- تداخل المعلومات بعضها على بعض. 4- طرد المعلومات غير السارة (الكبح في علم النفس)! 5- تجاهل ما أوصى به (وكيع) من ترك المعاصي!! سيكيولوجية التفكير: التفكير عملية ذهنية تتأثر بالعامل النفسي سلباً أو إيجاباً ، وبمدى الاقتناع بالقضية محل التفكير ، فإذا ما تمتع الإنسان بصحة نفسية رائقة حال تفكيره في قضية توافرت أسباب اقتناعه بها ، فإنه يندفع للتفكير فيها بحماس وانفتاح بطريقة قد توصل إلى الحل المناسب بعد توفيق الله ـ تعالى ـ له ، في حين أنه قد يعجز ذلك الإنسان عن مجرد إقناع نفسه بأهمية استمراره في التفكير في تلك القضية في حالة اعتلاله نفسياً!! ويمكن تسمية تلك الحالة بـ »الانغلاق الذهني النفسي« ، وربما يجد أحياناً أن لا مفر من هجر التفكير حينـذاك والانهماك في عمـل آخر ريثما تعاوده صحته النفسية!!