ليس من السهل دوما أن نميز بين مختلف اللغات, ونحدد اين تبدأ لغة ما وأين تنتهي؟ فمن حيث الزمان, يمكن أن نتسائل مثلا كيف انتقل الناس من اللاتينية الى الفرنسية ؟ ومن حيث المكان, كيف يمكن التمييز بين الاختلافات الإقليمية ؟ هل نحن أمام لغة واحدة, أم لهجات, أم أساليب دارجة شعبية (لغات ريفية)؟ بعض اللغات تعتبر لغات وطنية, أي انها تضمن التواصل داخل طائفة لسانية واحدة, وبعضها الاخر يعتبر لغات تداول – أي انها تستعمل في التعامل بين طوائف وجماعات مختلفة.
إن المعايير التي من شأنها ان تساعد على التعريف بماهية اي لغة ليست معايير موحدة على الإطلاق.
فالأرقام الناتجة عن عملية إحصاء اللغات تظل غير مؤكدة في كثير من الحالات, في سنة 1929, أحصت الاكاديمية الفرنسية 2796 لغة, في حين ان معظم علماء اللغويات يرون اليوم ان هذا العدد يفوق 6000 لغة, بينما لايعترف آخرون الا بما يقارب من 4500 لغة على أكثر تقدير.
فإلى جانب اللغات الوطنية التي لايزيد عددها على مائة لغة من الستة آلاف المذكورة, توجد أعداد لاتحصى من اللغات واللهجات التي أحياناً مايصعب حصرها.
هناك المعيار الكمي – أي عدد المتكلمين بلغة ما – وهو لايسمح بتحديد ماهية تلك اللغة, فبعض اللغات يتحدث يها الملايين, والبعض الآخر لا يتكلمها سوى بضع عشرات من الناس, في أحسن الأحوال.
ومن المعايير أو المداخل الممكنة للقيام بعملية حصر اللغات المختلفة مدخل الفهم المتبادل, فإذا كان المتحدثون لايفهم بعضهم كلام بعض, جاز ان نفترض أننا أمام لغتين, لالغة واحدة.
لكن لهذا المعيار الكيفي أيضا حدوده, لأن هناك درجات متفاوتة للفهم المتبادل, فاللغة هي اولاً وأخيرا طريقة متفردة للغاية لرؤية العالم, مما يجعل من كل لغة, مهما صغر شأنها ,تراثا لايعوض.