شأة فكرة المصارف الإسلامية (ماضي المصارف الإسلامية) .
لقد سبق ظهور المصارف الإسلامية عدة معالم أساسية جعل ظهورها أمراً مقضياً وذلك لرفع الحرج عن المسلمين , من هذه المعالم تحديات الاستعمار المصرفي الربوى فى البلاد الإسلامية ، فمنذ سنة 1924م حين أعلن فى تركيا ضياع الخلافة الإسلامية ، بعد أن ضعفت الأمة الإسلامية عقائدياً وخلقياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأصبحت فرقاً شتى كان سهلاً على الاستعمار الغربي أن يحتلها واحدة بعد الأخرى وتطبيق مفاهيمه ونظمه الربوية بدلاً من مفاهيم ونظم الإسلام ، بدأ هذا الاستعمار يشجع الملوك والرؤساء والأمراء على الاقتراض بفوائد فأنشأ الكثير من المشروعات الربوية لاستنزاف أموال المسلمين ، فكان الفقير والغنى يبيع محصول القطن ويذهب به إلى المرابي لسداد ما عليه من قروض ، وظل الوضع على هذا المنوال حتى أصبح المسيطر على الاقتصاد وأموال البلاد الإسلامية هم طبقة المرابين ومعظمهم من اليهود ، وغرق الملوك والرؤساء فى الديون المقترضة فى ملذاتهم وشهواتهم ، كما غرق العديد من الناس فى الديون التي كانوا يتعاملون بها مع المرابين .
وحتى يستطيع المرابي حماية أصل ماله وفائدته ضغط على الحكومات الإسلامية بأن تقنن الفائدة الربوية وأصبحت المحاكم تحكم بها ، ومن ناحية أخرى بدأت العلمانية ترسخ فى أذهان الحكام وغيرهم بأن الإسلام هو دين عبادات وطقوس ولا دخل له بالمال والاقتصاد والبنوك ، ولا حرج من التعامل بالربا مع البنوك الربوية ، بل تمكن الاستعمار من إقناع قلة من رجال الدين بأن الفائدة البسيطة وقروض الإنتاج ليست محرمة ، وصدرت بعض الآراء الفقهية من بعض الفقهاء بذلك .
ولتوطين الاستعمار الاقتصادي كان لابد من إنشاء البنوك الربوية حتى تستطيع أن تشرف على تطبيق النظم الاقتصادية الواردة معه ، ولضمان تصدير المواد الخام إلى البلاد الأجنبية وتسويق منتجاتها ، وظن الناس جهلاً أنه لا يمكن أن يكون هناك نظام اقتصادي بدون البنوك الربوية ، ولذلك أنشأت بعض البنوك الربوية الأجنبية والوطنية ووقع معظم الناس فى كبيرة الربا ، وصدقت نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال : " يأتي زمان على الناس يأكلون فيه الربا " قيل كل الناس يا رسول الله ؟ قال : من لم يأكله يناله غباره " .
ومن حيل الاستعمار الربوى لابتزاز أموال المسلمين إقناع أصحاب هذه الأموال بالآتي :
1 ـ أن هناك عدم استقرار فى البلاد الإسلامية ولذلك فمن المفضل أن تستثمر هذه الأموال فى أوروبا وأمريكا ، أي خارج البلاد وهذا هو الواقع حتى الآن .
2 ـ لا يوجد فى البلاد الإسلامية من يستطيع استثمار هذه الأموال ولذلك يجب أن تسلم لغير المسلم لكي يستثمرها .
3 ـ ليس فى البلاد الإسلامية إمكانيات أو طاقات تستوعب استثمار أموال المسلمين ولاسيما دول النفط .
وترتب على هذا الغزو الفكري أن انقسمت الدول الإسلامية إلى قسمين : دول إسلامية تستثمر فائض أموالها فى بلاد غير إسلامية نظير سعر فائدة محدد وغير قادرة على سحب هذه الأموال فى أي وقت تشاء ، ودول إسلامية أخرى فقيرة تقوم باقتراض هذه الأموال من بنوك ربوية فى الخارج بأسعار فائدة عالية ، وأصبحت تحت إمرة وسلطان الدول المقرضة ، وبهذا أصبحت الدول الإسلامية الغنية والفقيرة مسلوبة الإرادة وتتبع الدول الربوية وبذلك حقق الاستعمار مآربه دون أن يستخدم البندقية والمدفع والطائرة .
يتبين من الفقرات السابقة أن الأمر يحتاج إلى جهاد لتحرير مال المسلمين وإنقاذ اقتصاد الدول الإسلامية من تبعة الاستعمار الربوى ، ولكن كيف الطريق ؟
وتأسيساً على ما سبق بدأ علماء الاقتصاد الإسلامي يركزون على التطبيق العملي لفكرة المصارف الإسلامية ومرت هذه التجربة بعدة مراحل أهمها ما يلي :
1 ـ تجربة إنشاء بنوك الادخار المحلية فى مصر سنة 1963م .
2 ـ تجربة إنشاء بنك ناصر الاجتماعي سنة 1971م .
3 ـ إنشاء المصارف الإسلامية ابتداء من سنة 1975م .
4 ـ إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية سنة 1977م .
5 ـ إنشاء المعهد الدولي للبنوك الإسلامية والاقتصاد الإسلامي بقبرص 1981م .
6 ـ إنشاء الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية سنة 1983م .
7 ـ إنشاء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية سنة 1989م .
وفيما يلي نبذة موجزة عن طبيعة كل تجربة من التجارب السابقة .
1 ـ تجربة بنوك الادخار المحلية فى مصر سنة 1963م .